تاريخ شواطىء الاسكندريةتعتبر شواطئ مدينة الإسكندرية من أطول شواطئ مصر , فهي تمتد حوالي 40كم , وتمتد من شاطئ أبو قير شرقاً إلي شاطئ العجمي وسيدي كرير والساحل الشمالي غرباً ، وسوف نستعرض الأن التطور التاريخي لهذه الشواطئ .
ففي عهد الإسكندر الأكبر الذي أسس المدينة عام 332ق.م لم يكن شاطئ البحر القديم أمام الإسكندرية عن افتتاحها كما نراه الآن , فقد غمر البحر أجزاء كبيرة من الشاطئ بطول المدينة من منطقة بولكلي حتى المكس غرباً , وكان يمكن رؤية عدد كبير من الآثار الغارقة تحت منسوب الماء من مواقع عديدة من المدينة .
والجدير بالذكر أنه قبل تأسيس المدينة كان الشاطئ مفصولاً عن جزيرة فاروس , وتم ربط الجزيرة بالشاطئ بواسطة جسر طوله 1250م ,وبالتالي فهناك اختلاف في شكل الشاطئ قديماً عن شكله حديثاً .
أما عن شكل الشاطئ في عهد الرومان فبعد أن أنتصر أوكتافيوس أغسطس علي أنطونيو وكليوباترا أنشأ عليه ضاحية جميلة أطلق عليها أسم "نيكوبوليس" أو مدينة النصر تخليداً لذكري انتصاره ،وهذه المدينة هي الأن منطقة بولكلي ،وبقايا هذه المدينة هي التلال القابعة علي شاطئ البحر بين مصطفي كامل وجليم ،كما أن هضبات الإبراهيمية آنذاك كانت تتكون من مصايف صغيرة متناثرة علي شاطئ البحر .
ولقد أثبتت الآثار التي تم اكتشافها في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ,أن الإسكندرية كانت مصيفاً شهيراً في عصر الرومان وكان الجزء الشرقي من الشاطئ يخص طبقة النبلاء ,أما الجزء الغربي فكان قاصراً علي أفراد الطبقة الفقيرة من أفراد الشعب .
وينبغي الإشارة إلي أن شكل الشاطئ قد تغير كثيراً من شدة الإهمال في العصر العربي وظلت المدينة في طريقها للاضمحلال حتى بعد الاحتلال التركي من القرن السادس عشر حتي القرن الثامن عشر .
ويعتبر محمد علي مؤسس الإسكندرية الحديثة ,ففي عهده تم حفر ترعة المحمودية (1820م) وكان من نتيجة ذلك ازدهار العمران بالإسكندرية ,فقد أدي أنشاء الأرصفة الجديدة في الميناء إلي إعادة جزء من الشاطئ لحدوده الأولي بما كسبه من البحر وأضيف للبر .
وتشير الوثائق أن بلدية الإسكندرية التي أنشئت عام 1890م وقع علي عاتقها تقديم خطوات متطورة للمصطافين علي شاطئ البحر الذي كان مقصوراً علي حمامات زورو اليوناني في أول القرن العشرين والتي كانت تقع بالقرب من فندق سيــــســل الحالي ،وذلك أن البحر كان يصل إلي هذه المنطقة قبل بناء رصيف الميناء الشرقي .
وساعد علي ازدهار منطقة الرمل في هذا الوقت مد خط الترام إليها عام 1902م ,فانتشرت الكازينوهات والحمامات ,فبرز في هذا الوقت كازينو سان إستفانو وحماماته الفاخرة ,وأقيم علي الشاطئ عام 1906م حمام كازينو الأنفوشي ,وأعقبه كازينو الشاطبي عام 1907م ,والذي جدد بعد ذلك عام 1939م ,وأنشأت البلدية حماماً بحرياً للسيدات بسان استفانو عام 1926م .
وينبغي الإشارة إلي أن مصيف سيدي بشر كان مقفراً إلي عام 1972م حيث كان يحمل ذكريات أليمه لأبناء الإسكندرية ,فقد كان معتقلاً لأسري الحرب العالمية الأولي فترة طويلة ,ثم كان معتقلاً للثوار المصريين إبان ثورة 1919م في مصر ,وبدأت الحركة تدب فيه عندما استطاع أحد الأعيان المصريين مد خط أتوبيس يمتد من محطة الترام عام 1929م ,ومنذ ذلك الوقت ذاع صيت المنطقة كمصيف .
وزاد من شهرتها كمصيف أن البلدية قد أقامت عام 1931م الكبائن الأولي لها في سيدي بشر ,حيث قامت بإنشاء شاطئ نموذجي .
وإلي جانب الاهتمام بمصيف سيدي بشر اهتمت البلدية عام 1932م بشاطئ ستانلي عند إنشاء طريق الكورنيش بإنشاء ثلاث مسطحات بالجزء العلوي من الشاطئ لتقام عليه أكشاك خشبية للأستحمام ,علي أن يترك الجزء الرملي من الشاطئ خالياً من جميع الأكشاك ,وفي الوقت نفسه قررت البلدية هدم الأستراحة الخاصة بمصلحة الحدود الواقعة بين طريق الكورنيش والبحر في ستانلي حتي يمتد معها إلي منحدر شاطئ ستانلي لإنشاء ثلاثة صفوف جديدة من الأكشاك لإجابة الطلبات المتزايدة من الجمهور .
وتجدر الإشارة إلي أن شاطئ ستانلي كان مقصوراً علي الأجانب في بداية الأمر ,ولكن بعد إتمام الكورنيش في هذه المنطقة عام 1932م وإنشاء عدة كبائن – كما سبق القول – فقد ساعد ذلك علي زيادة عدد المصطافين .
وكانت البلدية قد قامت بوضع خطة متكاملة عام 1932م بمناسبة قرب الانتهاء من طريق الكورنيش من المنتزة إلي رأس التين عام 1934م , فقررت منح رخص الأكشاك في جميع الأماكن الخالية من الساحل ابتداء من الشاطبي حتى المندرة , لذلك وضعت البلدية خطة لإقامة كبائن في الشواطئ المعدة لذلك وهي :-
1-سيدي بشر
2-جليم
3-ستانلي
واشترطت أن تكون جميع الأكشاك من طراز أكشاك البلدية ، وفي الوقت نفسه قررت البلدية عدم السماح بوضع أكشاك في الجزء الواقع بين مصطفي باشا والشاطبي ، حيث لم يتم إعداد الشاطئ بها وفقاً للتخطيط المدروس , باستثناء بعض الأماكن منها .
وعلي غرار إعداد شاطئ الاستحمام بستانلي قررت البلدية إعداد الشاطئ السكندري بين ستانلي والمندرة , وأن يوضع بها أكشاك من طراز البلدية ، وتنازلت عن هذا الشرط في الجهة ما بين الشاطبي ومصطفي كامل , حيث أن أصحاب الكبائن من أبناء الطبقة العاملة .
ويجب أن نلاحظ إلي جانب أثر إنشاء الكورنيش عام 1934م علي تعمير الإسكندرية – أثره أيضاً في إعداد حمامات الشواطئ للاستحمام وإقامة الكبائن علي طول كثير من أجزائه , وأصبحت المدينة نتيجة لذلك هي مصيف مصر الأول .
وبالرغم من الاهتمام الفائق الذي أبدته البلدية للشواطئ بعد إتمام طريق الكورنيش , إلا أن بعض الشواطئ الواقعة عليه مثل سابا باشا لم تلق أهتماماً به نظراً لتعرضه للتأثيرات البحرية وعمقه , لذلك قررت البلدية وضع عدد من الكتل الصناعية لكسر حدة الأمواج علي الشاطئ ووضع كبائن بلدية عليه عام 1940م .
وكان شاطئ العجمي غرب الإسكندرية مثار اهتمام العضو اليوناني بالمجلس البلدي " لاسكاريس " عام 1940م , فهو أول من أشار إلي جمال شاطئه وطلب الاهتمام به , وإقامة كبائن عليه , وإعداد طريق يؤدي إليه .
ونظراً لإقبال الجمهور علي شاطئ سيدي بشر وستانلي , قررت البلدية في عام 1943م إنشاء كازينو في الجهة الشرقية لخليج ستانلي علي المرتفع الصخري مزود بأماكن لخلع الملابس وإعداد مسطح يطل علي البحر لإقامة عشرة أكشاك جديدة عليه , ونقل بعض الأكشاك من الشواطئ الأخرى إليه .
وبعد قيام ثورة 1952م تعاظم دور المدينة التي كانت مصيف مصر الأول وانعكس ذلك علي الإقبال الواسع علي طلب أكشاك الاستحمام , ولتلبية هذه الرغبات قررت البلدية إعادة تخطيط الشواطئ لزيادة عددها وزيادة المسطح الرملي بين الأكشاك ومياه البحر .
وكانت باكورة هذه المشاريع تطوير شاطئ ستانلي وسابا باشا فأعيد تصميمه من جديد وأزيلت أكشاكه الخشبية واستبدلت بأكشاك من المباني والخرسانة المسلحة ، وأعقب ذلك مشروع مماثل لشاطئ ميامي وسيدي بشر رقم (3) , وأعيد تنظيم عدة شواطئ أخري وزيد عدد الأكشاك بها , وفي الوقت نفسه تم تنظيم شاطئ الأنفوشي وإنشاء أول دفعة من أكشاكه .
بالإضافة إلي ما سبق قامت البلدية في عام 1952م بهدم كازينو الشاطبي القديم ، وكان مبنياً بالخشب وأنشئ مكانه كازينو الشاطبي الجديد بالخرسانة المسلحة .
وشهدت الإسكندرية في عهد الحكم المحلي طفرة كبيرة في تطوير الشواطئ وبناء أكشاك الاستحمام والحمامات علي امتداد الشواطئ فقد تم استغلال الشواطئ في تشييد الكبائن الجميلة وإنشاء المقاصف البحرية في المنـــتزه والمعمورة وأبو قير شرقاً .
كما تميزت الإسكندرية بوجود عدة شواطئ بالعجمي منها :- الهانوفيل وسيدي كرير غرباً , وتمتاز بمساحات واسعة للرمال البيضاء الناعمة وشفافية مياه البحر واعتدال المناخ وجفافه .
ولما كان غرض المصطافين الذين يفدون إلي المدينة هو التمتع بشواطئها المختلفة , فقد أولت المحافظة عنايتها بهذه الشواطئ عن طريق تطويرها وصيانتها وتدعيمها بالرمال لتعويض التآكل فيها وزيادة عدد الشواطئ المتميزة , وتطوير كازينوهات الشواطئ .
كما أهتمت المحافظة بأعمال التطوير بشواطئ غرب الإسكندرية , حيث تمتد هذه الشواطئ بطول الساحل الشمالي غرباً لمسافة حوالي 13.50كم , وتبدأ من المكس مروراً بشواطئ الدخيلة والبيطاش والهانوفيل وأبوتلات ومنطقة سيدي كرير وحتي الكيلو 61.50كم مع حدود محافظة مطروح .
ومن الأعمال التي قامت بها المحافظة غرباً " القيام بإجراء عمليات الصيانة لكبائن شاطئ الدخيلة وإنشاء ورصف طريق جديد يؤدي لشاطئ الهانوفيل بالعجمي امتداداً لطريق نادي الجمارك وموازي للشاطئ , لتسيير وصول المصطافين للشواطئ , وإنشاء بوابة عمومية لمدخل شاطئ الهانوفيل عام 1992م , كما تم فتح طريق بديل للشارع المؤدي لمناطق الأصطياف لكل من شاطئ زهراء العجمي وشاطئ شهرزاد للتسيير علي المصطافين بهذه الشواطئ "
كما تم توسيع وتطوير كورنيش المكس وتطوير وتوسيع طريق العجمي وخصوصاً مدخل الساحل الشمالي .
وأخيراً لا يمكننا أ ننسي مشروع تطوير وتوسيع كورنيش الإسكندرية , الذي يهدف إلي تجميل المدينة والحفاظ علي طابعها المميز كعروس للبحر المتوسط , وبهدف حل أختناقات المرور من ناحية أخري نتيجة تكدس السيارات , وبخاصة في فصل الصيف , ومن مزايا المشروع بالنسبة للشواطئ تجنبه عدم المساس بالمساحات الرملية للشواطئ , كما تم إنشاء بوابات للشاطئ , وإنشاء مداخل لتغذيته بالرمال نتيجة تآكله .
وحالياً قامت الإدارة المركزية برئاسة اللواء/ إيهـــــــــاب فـــــــاروق بتقسيم شواطئ الإسكندرية إلي شواطئ مجانية ومميزة وخاصة حسب الطبيعة الديموغرافية للسكان وذلك لتناسب كافة شرائح المجتمع وذلك لتحقيق هدف الإدارة في أن يكون من حق كل مواطن مصري وسكندري الاستمتاع بهدوء ورمال ومياه الإسكندرية فقد تم تقسيم الشواطئ إلي :-
1-شواطئ مجانية - وعددها "12" شاطئ وهي مجانية تماماً من دخول الشاطئ والجلوس تحت شمسية أو برجولة مجاناً واستخدام دورات المياه والأدشاش مجاناً .
2-شواطئ مميزة – وهي للفئة التي ترغب في نوع من التميز .
3-شواطئ سياحية – وهي تخاطب السائح العربي والأجنبي .
وقد تم مراعاة توحيد الشكل الهندسي بين الشواطئ حتي تكون كلها منظومة واحدة تضاهي في جمالها أجمل شواطئ العالم وبذلك تنافس شواطئنا مقاصد العالم .